بقلم : مسرح الظلام
جميعنا نسمع عن المشاريع
الإبداعية التجريبية، بعض الأعمال الفنية قد يخرج عن نطاق اللوحات أو الأفلام،
ويتجسد بشكل غريب يتحدى مبادئ الفن ليوصل لنا رسالة هادفة معينة، أو ليستفزنا أو
يثير بداخلنا تساؤلات وجدانية عن حقيقة النفس البشرية...
أحد الأمثلة على تلك الأعمال
الفنية كان عمل للفنانة الصربية مارينا أبراموفيتش، قامت مارنا بتجربة اجتماعية
تهدف للغوص في النفس البشرية وطرح السؤال الأبدي عن صراع الإنسان مع الخير والشر.
هل الإنسان بفطرته
شرير أم هو قادر على كبح جماح شياطينه؟
أحد أهم أعمالها كان عرض اسمه
"إيقاع صفر" وهو عمل فني استمر لست ساعات قامت فيه مارينا بالوقوف وسط
جمهور في استوديو حيث دعت الجمهور إلى فعل ما يشاء بها.
وذلك باستخدام واحد من 72 أداة وضعتها على
الطاولة. تضمنت الأدوات الورود والريش والعطور والعسل والخبز والعنب والنبيذ
والمقص والمشارط والمسامير وقضبان معدنية وبندقية محملة برصاصة واحدة..
لم تكن هناك
مراحل منفصلة. وقف أبراموفيتش والزوار في نفس المكان دون أي حواجز. وقالت إن الغرض من هذه التجربة هو معرفة إلى أي
مدى سيذهب الجمهور: "ماهي حقيقة هذا الجمهور و ماذا سيفعلون في مثل هذا
الموقف؟"
مارينا وضعت
تعليمات بسيطة على الطاولة وهي:
هناك 72 أداة
على الطاولة يمكن للمرء استخدامها عليها حسب الرغبة.
أنا مجرد شيء.
خلال هذه
الفترة أتحمل المسؤولية الكاملة.
المدة: 6
ساعات (8 مساءً - 2 صباحًا).
قالت
أبراموفيتش إن العمل "دفع جسدها إلى أقصى الحدود". كان الزوار لطيفين في
البداية، حيث قدم لها البعض وردة وقاموا بتقبيلها.. كان الناقد الفني توماس
ماكفيلي حاضراً حيث كتب عما شاهده بالضبط ما يلي:
لقد بدأت بشكل
هاديء. قام شخص بتحريك جسدها للوراء، شخص ما دفع ذراعيها في الهواء. لمسها شخص
بشكل حميمي وغير لائق نوعما. بدأت سخونة أفعالهم ترتفع. في الساعة الثالثة، تم قطع
جميع ملابسها عنها بشفرات حلاقة. في الساعة الرابعة استخدمت نفس الشفرات في جرح جلدها.
تم جرح حنجرتها حتى يتمكن أحدهم من امتصاص دماءها من عنقها.
تم تنفيذ العديد من الاعتداءات الجنسية على
جسدها. كانت ملتزمة للغاية بالعمل حتى أنها لم تكن ستقاوم الاغتصاب أو القتل. ملتزمة
بتنازلها عن الإرادة، ومع تدهور الوضع قامت مجموعة من الجمهور بحمايتها من
الاعتداءات، قام شخص بتوجيه مسدس محمل بذخيرة لرأس أبراموفيتش وكان يجبرها على ضغط
الزناد بإصبعها، فحصل شجار بين المعتدين والمجموعة التي حاولت حمايتها.
وصفت أبراموفيتش
الأمر لاحقًا قائلة: "ما تعلمته هو أنه ... إذا تركت الأمر للجمهور، فيمكنهم
قتلك ... شعرت بالانتهاك حقًا: لقد قاموا بقطع ملابسي، ورشقوا أشواك الورد في بطني،
ووجه شخص المسدس لرأسي. بعد ست ساعات بالضبط، كما هو مخطط، وقفت وبدأت في المشي
نحو الجمهور. هرب الجميع، خوفاً من مواجهة حقيقية بيني وبينهم".
عندما أعلن
المعرض أن العمل قد انتهى، وبدأ أبراموفيتش في التحرك مرة أخرى ، قالت إن الجمهور
غادر غير قادر على مواجهتها كشخص.
بقي هذا العمل
الفني مثال حي على حقيقة النفس البشرية، وأنه عند توفر الظروف التي تحمي الشخص من
المحاسبة، لا أحد يعرف ما قد يحصل فعلاً.